شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
باب قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا
قال -رحمه الله تعالى- باب قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا. وقال لنا الحميدي اسم> كان عند ابن عيينة اسم> حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت واحدا.
وقال ابن مسعود اسم> حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق. وقال شقيق اسم> عن عبد الله اسم> سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- كلمة.
وقال حذيفة اسم> حدثنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حديثين. وقال أبو العالية اسم> عن ابن عباس اسم> -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يروي عن ربه. وقال أنس اسم> -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرويه عن ربه -عز وجل-.
وقال أبو هريرة اسم> -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرويه عن ربكم -عز وجل-.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا قتيبة اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر اسم> عن عبد الله بن دينار اسم> عن ابن عمر اسم> -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله اسم> ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة متن_ح> رسم> .
لما اشتغل العلماء برواية الحديث كان أحدهم يرويه عن شيخه بقوله: سمعت الشيخ فلان. وبعضهم يقول: حدثني شيخي فلان. وبعضهم يقول: أخبرني فلان. وبعضهم يقول: أنبأنا فلان. وبعضهم يقول: روى لنا فلان. ثم اختلفوا هل مدلولها واحد، أم بينها اختلاف؟ وذلك لأن بعضا منهم صار يتساهل في الرواية ويروي ما لم يسمعه؛ فلذلك اصطلح بعضهم على بعض الاصطلاحات، وبعضهم سوى بينها.
فالبخاري اسم> وكذلك شيخه الحميدي اسم> وشيخ شيخه سفيان بن عيينة اسم> يرون أنه لا فرق بين أن يقول: سمعت وحدثني وأخبرني أن جميع المؤدى واحد يقول: إذا رويت عن شيخك حديثا فإنك ترويه بأحد هذه العبارات، كثيرا ما يروي البخاري اسم> -مثلا- عن شيخه الحميدي اسم> واسمه عبد الله بن الزبير اسم> صاحب المسند المطبوع مسند الحميدي اسم> فيقول: حدثنا الحميدي اسم> أو حدثنا عبد الله بن الزبير اسم> يعني الذي هو الحميدي اسم> حدثنا سفيان اسم> -يعني ابن عيينة اسم> - حدثنا الزهري اسم> حدثني سالم اسم> حدثني ابن عمر اسم> فهذا من أحاديثه.
البخاري اسم> –مثلا- يجوز عنده أن يقول: حدثني وأخبرني، كثيرا ما يأتي بـأخبرنا حكاية لما قاله شيخه غالبا إذا جاء شيخه بعبارة فإنه يأتي بها كما جاء بها حرصا على أن يؤديها كما سمعها، فيقول –مثلا- حدثنا أبو اليمان اسم> أخبرنا شعيب اسم> -يعني الزهري اسم> - فشعيب اسم> يخبر بأبي اليمان الحكم بن نافع اسم> أخبرنا شعيب اسم> فدائما أبو اليمان اسم> يقول: أخبرنا ولا يقول حدثنا.
أما مسلم اسم> صاحب الصحيح فإنه يفرق بينهما؛ فدائما يذكر عبارات مشائخه.
فإذا روى عن ثلاثة مشائخ بيَّن من قال: حدثنا ومن قال: أخبرنا، فيقول: -مثلا- حدثنا يحيى بن يحيى اسم> و يحيى بن أيوب اسم> و قتيبة بن سعيد اسم> و علي بن حجر اسم> قال يحيى بن يحيى اسم> أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا.
يعني أتى بعباراتهم أن يحيى بن يحيى اسم> يقول دائما: أخبرنا، والبقية يقولون: حدثنا مع أن الجميع سمعوه من شيخهم سواء، ولكن بعضهم يعبر بـأخبرنا بعضهم يعبر بـحدثنا وأكثرهم اصطلحوا على أن حدثنا إذا سمع الحديث ومعه غيره من كلام الشيخ، إذا قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر اسم> فمعناه تكلم بهذا الحديث ونحن نسمع ونحن جماعة وإذا قال: حدثني إسماعيل بن جعفر اسم> فمعناه أنه حدثنيه وأنا وحدي سمعته من كلامه.
وإذا قال: أخبرنا فإنه قرئ عليه الكتاب أو الحديث وهم حاضرون؛ فجاء الخبر إليهم كأنه كتب الحديث في رسالة أو كتبه في أوراق وأعطاه واحدا منهم، وقال: هذه أحاديثي التي حدثتها –مثلا- التي حدثنيها مشائخي، اقرأها يا أحدهم فإذا قرأها عليهم والشيخ يسمع وهم يسمعون ويقر ذلك فإنهم يقولون: أخبرنا إسماعيل اسم> -مثلا- أو أخبرنا وكيع اسم> هذا اصطلاح من الإمام مسلم اسم> وغيره.
أما البخاري اسم> فعنده أنها سواء واستدل بأنها مستعملة عند كثير من الصحابة فابن مسعود اسم> روى حديثا في القدر وقال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق، فاستعمل كلمة حدثنا.
وحذيفة اسم> يقول :حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، رسم> حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال متن_ح> رسم> إلى آخر الحديث يتعلق بالأمانة وبنزعها، رواه مسلم اسم> كاملا، وكذلك في حديث عبد الله بن عمر اسم> أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي مرة بجمار فأكل منه بعض أصحابه جمار النخل ثم قال: رسم> إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المؤمن حدثوني ما هي؟ حدثوني يعني تكلموا بذلك فخاض الناس في شجر البوادي الإيضاح في البوادي يقول ابن عمر اسم> ووقع في نفسي أنها النخلة ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله متن_ح> رسم> .
فالحاصل أنه قال :حدثوني وقالوا: حدثنا يعني تكلم بذلك أمامنا.
كذلك أيضا كلمة عن جاءت في هذه الأحاديث يرويه عن ربه، يرويه عن ربكم -سبحانه وتعالى- اصطلح المحدثون على أن العنعنة أقل رتبة من التحديث، فإذا قال –مثلا- عن الزهري اسم> عن سالم اسم> عن أبيه احتمل أنه سمعه من الزهري اسم> أو لم يسمعه بل بينه وبينه واسطة؛ فلذلك لا يقبلون العنعنة إلا إذا كان ذلك المعنعن غير مدلس.
المدلس هو الذي يسقط شيخه ويروي الحديث عن شيخ شيخه الذي قد لقيه ولكنه لم يسمع منه ذلك الحديث، فأحيانا سفيان بن عيينة اسم> -رحمه الله- يستعمل التدليس أحيانًا، فإما أن يقول: عن الزهري اسم> أو يقول: قال الزهري اسم> أو يقول: الزهري اسم> عن نافع اسم> عن ابن عمر اسم> أو عن سالم اسم> عن ابن عمر اسم> وكثير من الذين يستعملون التدليس يقولون: لا يقبل الحديث عنهم إلا إذا صرحوا بالتحديث، إذا قالوا: حدثنا الزهري اسم> وعلى كل حال هذه من عبارات المؤلفين أنهم يستعملون حدثنا وأخبرنا وسمعت وعن وأنبأنا لرواية الحديث عن مشائخهم.
مسألة>